طرق الاثبات في قضايا المقاولات
تمتاز بيئة الاعمال التجارية عن غيرها من الأعمال بالسرعة ، ولهذا فهي تحتاج إلى قواعد خاصة في الإثبات تعمل على تطوير وازدهار النشاط التجاري ، ولهذا صدر نظام الإثبات الجديد لعام 1443 هجرياً ليسري على المعاملات المدنية والتجارية ، ولأن قضايا المقاولات من أشهر القضايا التجارية في المملكة العربية السعودية فيطبق عليها هذا النظام ويتم إثباتها بجميع طرق الإثبات الواردة في النظام ، وخلال هذا المقال سيتم بيان طرق الاثبات المختلفة في قضايا المقاولات مع ذكر قضية واقعية من المحاكم السعودية.
ما هي طرق الاثبات في قضايا المقاولات ؟؟
اولاً:- الإثبات بالمحررات
تنقسم المحررات إلى نوعين كالتالي:-
1- المحررات الرسمية:
وهي الذي يثبت فيه موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة، ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، طبقاً للأوضاع النظامية، وفي حدود سلطته واختصاصه.
2- المحررات العادية:
وهي الصادرة ممن وقعه وحجة عليه؛ ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، أو ينكر ذلك خلَفُه أو ينفي علمه بأن الخط، أو الإمضاء، أو الختم، أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق.
ويجوز الإثبات بالمحررات الرسمية في قضايا المقاولات ، ويعد المحرر حجة على الكافة بما دون فيه من أمور قام بها محرره في حدود مهمته، أو حدثت من ذوي الشأن في حضوره؛ ما لم يثبت تزويره بالطرق المقررة نظاماً، ويجوز الاثبات بالمحررات العادية وهو حجة على من وقعه ما لم ينكر صراحة ، وتأخذ المراسلات الموقع عليها من قبل الأطراف حجية المحرَّر العادي في الإثبات، ما لم يثبت المرسل أنه لم يرسل الرسالة ولم يكلف أحداً بإرسالها، وبالتالي إذا ثبت وجود مراسلات بين الأطراف في قضايا المقاولات فإنه يكون لها حجية المحرر العادي.
ثانياً:- الإثبات بالأدلة الرقمية
نصت المادة (53) من نظام الإثبات أنه يعد دليلاً رقمياً كل دليل مستمد من أي بيانات تنشأ أو تصدر أو تسلم أو تحفظ أو تبلغ بوسيلة رقمية، وتكون قابلة للاسترجاع أو الحصول عليها بصورة يمكن فهمها.
وحددت المادة (54) أنه ما يشمل الدليل الرقمي كالتالي:-
- السجل الرقمي.
- المحرَّر الرقمي.
- التوقيع الرقمي.
- المراسلات الرقمية بما فيها البريد الرقمي.
- وسائل الاتصال.
- الوسائط الرقمية.
- أي دليل رقمي آخر.
وبالتالي يجوز الإثبات بالأدلة الرقمية في قضايا المقاولات ويكون للدليل الرقمي الرسمي الحجية المقررة للمحرَّر الرسمي مثله مثل المحرر الرسمي الكتابي.
ثالثاً:- الإثبات بشهادة الشهود
نصت المادة (65) من نظام الاثبات أنه يجوز الإثبات بشهادة الشهود ، ولكن يوجد عدة شروط كالتالي:-
- أن يكون التصرف تقل قيمته عن (مائة ألف ريال أو ما يعادلها) ، وبالتالي ، فإن قضايا المقاولات التي تزيد قيمتها عن هذا المبلغ لا يجوز اثباتها بشهادة الشهود، بل تثبت بالكتابة.
- لا تقبل شهادة الشهود في إثبات وجود أو انقضاء التصرفات الذي تزيد قيمته على (مائة ألف ريال أو ما يعادلها) أو كان غير محدد القيمة، فإذا كانت قضية المقاولات الهدف منها اثبات وجود المقاولة أو انقضائها ؛ وتزيد قيمتها عن المائة ألف ريال أو ما يعادلها أو غير محددة القيمة فإنها لا تثبت بشهادة الشهود.
- يقدر الالتزام باعتبار قيمته وقت صدور التصرف بغير ضم الملحقات إلى الأصل.
- إذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة جاز الإثبات بشهادة الشهود في كل طلب لا تزيد قيمته على (مائة ألف ريال أو ما يعادلها)؛ ولو كانت هذه الطلبات في مجموعها تزيد على تلك القيمة، أو كان منشؤها علاقات بين الخصوم أنفسهم أو تصرفات ذات طبيعة واحدة.
- تكون العبرة في إثبات الوفاء الجزئي بقيمة الالتزام الأصلي.
ولكن يوجد عدة استثناءات ، يتم خلالها الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة ، كالتالي:-
- إذا وجد مبدأ الثبوت بالكتابة.
- إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي، ويعد من الموانع المادية عدم وجود من يستطيع الكتابة، أو أن يكون طالب الإثبات شخصاً ثالثاً لم يكن طرفاً في العقد، ويعد من الموانع الأدبية رابطة الزوجية، وصلة القرابة والمصاهرة حتى الدرجة الرابعة.
- إذا ثبت أن المدعي فقد دليله الكتابي بسبب لا يد له فيه.
رابعاً:- الإثبات بالعرف التجاري
يعد العرف التجاري هو مصدر القانون التجاري ، فهو القانون الشعبي الأول للتجارة ، ولهذا لم يغفل عنه نظام الاثبات ونص على جواز الإثبات بالعرف، أو العادة بين الخصوم، وذلك فيما لم يرد فيه نص خاص أو اتفاق بين الأطراف أو فيما لا يخالف النظام العام.
وبالتالي فإنه يجوز الاثبات بالعرف التجاري في قضايا المقاولات، ولكن بعدة شروط كالتالي:-
- من يتمسك بالعرف أو العادة بين الخصوم أن يثبت وجودهما وقت الواقعة.
- لأي من الخصوم الطعن في ثبوت العرف أو العادة بين الخصوم، كما أن لهم معارضتهما بما هو أقوى منهما.
- تقدم العادة بين الخصوم والعرف الخاص على العرف العام عند التعارض.
- يجوز للمحكمة عند الاقتضاء ندب خبير للتحقق من ثبوت العرف أو العادة بين الخصوم.
مثال لطرق الاثبات في قضايا المقاولات
سبق للشركة المدعية التعاقد مع الشركة المدعى عليها بموجب عقد مقاولة من الباطن في العام 1436 على تنفيذ حفريات مشاريع إنشاء وصيانة شبكة التوزيع تشمل الحفر والدفان والدك والسفلتة والشبكات الهوائية وصيانتها حسب قياسات ومواصفات الشركة السعودية للكهرباء، وأنجزت الشركة المدعية الأعمال وقيمتها مليون وستمائة وسبعة وتسعون ألف وسبعمائة وثمانية وخمسون ريال وثمانية وتسعون هللة استلمت منها مبلغ أربعمائة وخمسون ألف ريال وتبقى مبلغ مليون ومائتان وسبعة وأربعون ألف وسبعمائة وثمانية وخمسون ريال وثمانية وتسعون هللة، وحرر الشركة المدعى عليه كمبيالة بالمبلغ، وتقدمت الشركة المدعية بتنفيذ الكمبيالة كورقة تجارية، لكن رُفِض الطلب لتعليق الكمبيالة على شرط، فتقدمت الشركة المدعية إلى المحكمة، وبعرضها على الشركة المدعى عليها أقرت بالتعاقد، وأنكرت تنفيذ الأعمال وتحرير الكمبيالة وأنها مزورة، وتمسكت المدعية بادلتها: مستخلصات الأعمال موقعه من المدعى عليها ومحضر استلام أمر العمل. أما شهادة الإنجاز فهذه يحصل عليها المقاول الرئيسي من الجهة مالكة المشروع لا تحصل عليها الشركة المدعية باعتبارها منفذاً من الباطن.
حكم المحكمة وسببه:
ورأت المحكمة أنّ المدعى عليها أقرت بأصل التعاقد، إلا أنها اكتفت في إنكار ما ذكرته الشركة المدعية من أن تكلفة الأعمال المنفذة دون ذكر الصحيح في قدر التكلفة، ولما كان الواجب على المدعي أن يثبت ما يدعيه من حق؛ وفقا للفقرة (1) من المادّة (الثانية) من نظام الإثبات، فإنّ الشركة المدعية قدّمت إثبات ما تدعيه، ولأنه لا يلزم لإثبات الالتزام شكل معين؛ ما لم يرد فيه نص خاص أو اتفاق بين الخصوم؛ وفقا لمّا نصت عليه المادّة (الخامسة) من نظام الإثبات، فإنّ المحكمة تنتهي إلى صحة ما ذكر، والتي لا تنازع الشركة المدعى عليها صحة نسبتهما إليها، مما يجعلها حجة عليه؛ وفقا للفقرة (1) من المادّة (التاسعة والعشرين) من نظام الإثبات، ونصها: “يعد المحرّر العادي صادرا ممن وقعه وحجة عليه؛ ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، أو ينكر ذلك خلفه، أو ينفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق”، مما تنتهي معه المحكمة إلى الأخذ بهما، والحكم بموجبهما، دون إلى الاستناد في حكمها الماثل للكمبيالة التي تزعم الشركة المدعية أن الشركة المدعى عليها حررتها لها مقابل تكلفة الأعمال المنفذة، لذا لا حاجة تستدعي مناقشة ما تداوله الطرفان من دفوع وطعون حيالها.
الدروس المستفادة:
1- التوثيق هو المفتاح:
المستندات المحررة والمتفق عليها بين الأطراف (العقد، المستخلص، السند) كانت الأساس في كسب القضية، فيجب دائما توثيق الأعمال وعدم تأجيل أي إجراء واجب اتخاذه، والتحقق من توقيع صاحب الصلاحية دائما.
2- الإثبات في نظام الإثبات السعودي:
فهم نظام الإثبات أصبح ضرورة ملحة للمحامي وللإدارات القانونية لتأثيره الكبير على بيان الحق وثبوته فمثلا لو تضمن الاتفاق بين الطرفين شكلا معينا للإثبات؛ لما جاز تجاوزه وفق المادة الخامسة من نظام الإثبات تؤكد أنه لا يشترط شكل معين لإثبات الالتزام إلا في حال وجود نص خاص.
3- تقديم الأدلة الكاملة للمحكمة
يختصر على المحكمة طول المحاكمة، ويمكنها من سرعة الفصل فيها وهنا يأتي دور المحامي في تحديد الأدلة الواجب إبرازها أو الأدلة الواجب الاكتفاء بها ليضمن توجيه مسار الدعوى نحو الهدف المحدد.
هل سبق لك أن واجهت قضية مشابهة في مجال المقاولات؟ شاركنا تجربتك في التعليقات أو تواصل معنا إذا كنت بحاجة إلى استشارة قانونية متخصصة
إن كنت تعتقد أن هذا المحتوى مفيداً لأحدهم سيكون من الجميل مشاركته معه، ويسعدنا الاطلاع على تعليقك على الدعوى المذكورة.
اتصل الان : 966533336845+
اقرا ايضا : نموذج عقد مقاولات