كيف تناولت محكمة الاستئناف تطبيق المادة 50 من نظام التحكيم في نزاع عقاري؟ التفاصيل حول الأحكام والإجراءات القانونية المتبعة.كيف تناولت محكمة الاستئناف تطبيق المادة 50 من نظام التحكيم في نزاع عقاري؟ التفاصيل حول الأحكام والإجراءات القانونية المتبعة.
6 يناير 2025

كيف طبقت محكمة الاستئناف بالرياض المادة 50 من نظام التحكيم في نزاع عقاري؟

يعد التحكيم هو إحدى الوسائل البديلة لحل المنازعات والخلافات ، وهو من الطرق السريعة والقاطعة للنزاعات، فبدلاً من طرح النزاع أمام القضاء الرسمي الذي قد تطول به مراحل فض المنازعات ، يتم حل المنازعات من خلال التحكيم.

 

اولاً:-قضايا التحكيم في السعودية

لقد انتشرت في الآونة الأخيرة لجوء الأفراد للتحكيم في السعودية ، وثم اللجوء بعد ذلك إلى محكمة الاستئناف للطعن على حكم التحكيم بالبطلان ، ولقد حددت المادة 50 من نظام التحكيم السعودي الحالات المخصصة التي تقبل فيها دعوى البطلان وهي على سبيل الحصر ن حيث لا يجوز قبول دعوى البطلان إذا لم تتوافر إحدى تلك الحالات في الدعوى.

 

ثانياً:- هل يجوز استئناف حكم التحكيم؟

دائمًا ما يظهر تساؤل في غاية الأهمية وهو هل يجوز استئناف حكم التحكيم؟ 

وللإجابة على هذا السؤال نوضح إنه في المملكة العربية السعودية، الأصل في أحكام التحكيم أنها نهائية وملزمة للأطراف، وفقًا لما ينص عليه نظام التحكيم السعودي ، وأن حكم التحكيم لا يستأنف في الموضوع ، ويجوز فقط الطعن على حكم التحكيم بالبطلان ويكون الاختصاص لمحكمة الاستئناف، وترفع دعوى البطلان خلال الستين يوماً التالية لتاريخ قيد دعوى التحكيم لدى محكمة الاستئناف، وفي حال حكمت المحكمة المختصة بتأييد حكم التحكيم وجب عليها أن تأمر بتنفيذه، ويكون حكمها في ذلك غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن. أما إذا حكمت ببطلان حكم التحكيم، فيكون حكمها قابلاً للطعن أمام المحكمة العليا خلال ثلاثين يوماً من اليوم التالي للتبليغ.

 

ثالثاً:- سوابق قضائية في التحكيم

يوجد العديد من السوابق القضائية في قضايا بطلان حكم التحكيم ، وسنوضح سابقة كالتالي:-

وقائع القضية:

في أحد المشاريع الكبرى بالمملكة، اجتمع المالك (الشركة المدعى عليها) مع المقاول الرئيسي (الشركة المدعية) لتنفيذ مشروع إنشائي كبير. كان العقد واضحًا، حيث تعهدت الشركة المدعية بتنفيذ الأعمال وفق المواصفات المحددة في العقد، فيما التزمت الشركة المدعى عليها بسداد مستحقات المقاول وفق جدول زمني محدد.

بدأ المشروع بشكل طبيعي، لكن سرعان ما بدأت المشاكل تظهر، وتحولت العلاقة التعاقدية بين الطرفين إلى خلاف قانوني معقد انتهى بالتحكيم، ثم بمحاولة إبطال الحكم أمام محكمة الاستئناف.

اشتكت الشركة المدعى عليها من تأخر المقاول في تنفيذ المشروع، وأشارت إلى أن الأعمال لم تُنفذ بالجودة المطلوبة. من جهتها، بررت الشركة المدعية التأخير بعدم تسليم المالك للمستندات المطلوبة والتصاريح اللازمة في الوقت المناسب، مما أدى إلى تعطل العمل.

أدى هذا الخلاف إلى اتخاذ الشركة المدعى عليها قرارًا بوقف التعامل مع المقاول وتكليف مقاولين آخرين لاستكمال المشروع، معتبرةً أن استمرار الشركة المدعية سيؤدي إلى تأخر أكبر وخسائر مالية. وعليه، اتهم المقاول المالك بالتدخل غير المشروع في تنفيذ الأعمال، بينما رد المالك بأن قراره كان ضرورة لحماية المشروع.

عليه أقامت الشركة المدعية (المقاول) دعوى تحكيمية، وطالبت بالدفعات المستحقة، والتي تبلغ مليون وخمسمئة وستين ألفًا ومئتين واثنين وثمانين ريال، مدعيةً أنها أتمت كافة الأعمال المطلوبة وفق العقد. في المقابل، رفضت الشركة المدعى عليها هذه المطالب، مشيرةً إلى أنها صرفت بالفعل أربعة ملايين وستمئة وثمانية وتسعين ألفًا وتسعمئة وأربعة عشر ريال زيادة على قيمة الأعمال المنفذة، وأن هذه المبالغ دفعت لتغطية أخطاء المقاول وتكاليف المقاولين الآخرين، وطالبت بتحميل الشركة المدعية هذا المبلغ، وبعد نظر الدعوى وتعيين الخبير فيها لتحديد المستحقات المالية وحالة الأعمال المنفذة، وعلى أثر التقرير حكمت هيئة التحكيم حكمًا يلزم الشركة المدعى عليها بدفع مبلغ مليون وخمسمئة وستين ألفًا ومئتين واثنين وثمانين ريال للمقاول، وفي الوقت نفسه ألزم الشركة المدعية برد مبلغ أربعة ملايين وستمئة وثمانية وتسعين ألفًا وتسعمئة وأربعة عشر ريال للمالك، كما ألزمت الهيئة المقاول بدفع نصف أتعاب الخبير الفني، التي كانت قد تكبدتها الشركة المدعى عليها بالكامل.

 

أسباب بطلان حكم التحكيم

نظرا لعدم قبول الشركة المدعية لما انتهى إليه الحكم أقامت دعوى بطلان حكم التحكيم زاعمة الإخلال بحق الدفاع: بأنها لم تُبلغ بجلسة حاسمة في إجراءات التحكيم، مما حال دون تقديم دفاعها أو مناقشة الخبير شفهيًا، والقصور في أسباب الحكم بأن هيئة التحكيم لم تُضمن الحكم سردًا كافيًا لمرافعات الطرفين والمستندات المقدمة، وأن الحكم خالف الشريعة لتناقض الحكم بين منطوقه وأسبابه.

 

رد المحكمة على طلب البطلان

وعليه استعرضت محكمة الاستئناف جميع ادعاءات الشركة المدعية، وخلصت إلى ما يلي:

  • ثبت أن ممثل الشركة المدعية حضر الجلسة المثيرة للجدل وفقًا لما أثبتته هيئة التحكيم في محاضرها
  • الدفاع الجوهري الذي طالبت به الشركة المدعية، وهو مواجهة الخبير، ليس إلزاميًا وفقًا لنظام التحكيم، إذ يحق لهيئة التحكيم الاكتفاء بالرد الكتابي على الملاحظات.
  • لم يظهر للمحكمة أي تناقض حقيقي بين منطوق الحكم وأسبابه، إذ أن ما ورد في الحكم كان مفسرًا بشكل واضح في أسبابه.
  • لم تجد المحكمة أي دليل على مخالفة الحكم للشريعة الإسلامية أو النظام العام.

 

 النتيجة النهائية

قضت محكمة الاستئناف برفض دعوى البطلان، وأيدت حكم التحكيم بكامل بنوده، مع إلزام الطرفين بتنفيذه.

 

الدرس المستفاد

دعوى البطلان تُعد من الدعاوى الدقيقة جدًا، حيث يقتصر دور محكمة الاستئناف على النظر في مدى توافق الحكم مع النظام والشريعة، دون الدخول في موضوع الدعوى. ومتى لم يتوفر دفع واضح وجليّ يستند إلى نصوص صريحة، فإن محكمة الاستئناف ستنتهي إلى تأييد حكم التحكيم.

لذا، يجب على المحامي الذي يتقدم بدعوى البطلان التركيز على المخالفات المنصوص عليها في المادة الخمسين من نظام التحكيم السعودي، والتي نصت على أن: “تقضي المحكمة المختصة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو النظام العام في المملكة، أو ما اتفق عليه طرفا التحكيم، أو إذا وجدت أن موضوع النزاع من المسائل التي لا يجوز التحكيم فيها بموجب هذا النظام.”

كما أن العديد من الإجراءات يجب الاحتياط لها مسبقا أثناء سير الدعوى التحكيمية وإثباته بالشكل الصحيح في حال وقوع خطأ يؤدي إلى بطلان حكم التحكيم.

 

هل حكم هيئة التحكيم نهائي وملزم ؟ 

والإجابة هي أنه مادام رفضت محكمة الاستئناف دعوى البطلان ، فإن حكم هيئة التحكيم يكون نهائي وملزم.

 

ختامًا ؛ في مكتب السلامه للمحاماة والاستشارات القانونية، نفخر بتقديم خدمات متخصصة في التحكيم التجاري الدولي، حيث نتمتع باعتماد من المركز السعودي للتحكيم التجاري، وقد تولينا العديد من القضايا التحكيمية البارزة، وتم ترشيحنا لهذا الدور من قبل محكمة الاستئناف وكذلك المركز السعودي للتحكيم التجاري ، بفضل سجلنا الحافل بالنجاحات، ساعدنا العديد من العملاء من مختلف القطاعات على تحقيق أحكام تحكيمية عادلة وناجحة.

 إن كنت تعتقد أن هذا المحتوى مفيداً لأحدهم سيكون من الجميل مشاركته معه، ويسعدنا الاطلاع على تعليقك على الدعوى المذكورة، أو تواصلك معنا في حال وجود أي استفسارات حول الدعاوى التحكيمية .

 

شارك على لينكدان

التعليقات

لا توجد تعليقات كيف طبقت محكمة الاستئناف بالرياض المادة 50 من نظام التحكيم في نزاع عقاري؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *