الذكاء الاصطناعي في القضاء العالمي وتأثيره على العمل القانوني
شهد العالم تطورًا ملحوظًا في استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) عبر مختلف القطاعات، بما في ذلك المجال القضائي ، حيث تعد تقنية ” العدالة التنبؤية” هي مجال حقيقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في عملية اتخاذ القرار القضائي ، وتعتمد على تقنيات متطورة منه ، وخاصة التعلم الآلي ، حيث تقوم تلك التقنية على تحليل ملفات القضايا والوثائق القانونية لأجل تقديم تنبؤات حول القرارات المستقبلية بناءً على البيانات التاريخية والقوانين المعمول بها ، وتقوم الخوارزميات على تحليل مجموعة كبيرة من البيانات لبناء نماذج تنبؤية للعدالة ، ويوجد العديد من الدول الرائدة استخدمت الذكاء الاصطناعي في القضاء ، ، مثل سنغافورة، اعتمدت رسميًا الذكاء الاصطناعي في النظام القضائي لتحسين كفاءة سير العدالة. في 2021، أعلنت سنغافورة عن استخدام تقنيات AI لتقديم استشارات قانونية أوتوماتيكية ومساعدة القضاة في مراجعة الأحكام القضائية وتحديد العقوبات المناسبة بناءً على الحالات المشابهة.
اولاً : كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في القضاء عالميًا
يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل القضائي عالمياً لأجل أجراء الأعمال التالية:
1- تحليل المستندات القانونية
يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المستندات القانونية في وقت قياسي، مما يوفر على المحامين والقضاة وقتًا وجهدًا كبيرًا.
2- مراجعة الاحكام
يعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراجعة القضايا السابقة وتحديد الأنماط التي قد تؤثر على الأحكام القضائية الجديدة.
3- الاستشارات القانونية الأوتوماتيكي
توفر أنظمة AI استشارات قانونية دقيقة بناءً على قوانين الدولة، مما يفتح الباب للوصول إلى العدالة بشكل أكبر.
تعرف على: خطوات تأسيس شركة في السعودية
ثانياً:- التجربة السنغافورية: نموذج متقدم
سنغافورة واحدة من أوائل الدول التي أدخلت الذكاء الاصطناعي في القضاء، حيث يتم استخدامه لتحليل القضايا السابقة وتقديم توصيات للقضاة، وهذه التكنولوجيا لا تهدف إلى استبدال القضاة، بل تعمل كأداة مساعدة لتحسين الدقة وتقليل الوقت المطلوب لاتخاذ القرارات.
تجربة سنغافورة في إدخال الذكاء الاصطناعي (AI) في القضاء تُعد واحدة من أبرز النماذج عالميًا على كيفية استخدام التكنولوجيا لتعزيز الكفاءة والعدالة في النظام القضائي، حيث استخدمته كالتالي:
1- استخدام الذكاء الاصطناعي في مراجعة الأحكام القضائية
تم تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تحليل القضايا السابقة وتقديم توصيات للقضاة بشأن الأحكام المناسبة، وتعتمد هذه الأنظمة على دراسة السوابق القضائية والقوانين المحلية لتحديد نماذج الحكم بما يضمن الاتساق في الأحكام وتقليل التباينات.
2- إطلاق منصة eLitigation
أطلقت سنغافورة منصة إلكترونية تُعزز من سهولة الوصول للعدالة، حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الوثائق القانونية، جدولة الجلسات، وحتى تقديم استشارات قانونية مبسطة، وبالإضافة إلى أن المنصة تدعم المستخدمين في تقديم الدعاوى وإدارة الوثائق إلكترونيًا، مما يقلل الوقت والجهد.
3- تقديم استشارات قانونية آلية
توفر الأنظمة الذكية في سنغافورة خدمات استشارية للمواطنين من خلال تحليل مشكلاتهم القانونية وإرشادهم إلى الحلول المناسبة، وتُستخدم هذه التقنية لتوسيع الوصول إلى العدالة، خاصة للأشخاص الذين قد لا يملكون الموارد للاستعانة بمحامين.
4- استخدام تقنيات الترجمة الذكية
في مجتمع متنوع لغويًا مثل سنغافورة، تُستخدم أنظمة الترجمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتوفير ترجمات دقيقة للوثائق القانونية، وهذا يقلل من التحديات المرتبطة بالتواصل ويضمن مشاركة جميع الأطراف.
5- مشروع القاضي الرقمي
في بعض القضايا البسيطة مثل النزاعات المالية الصغيرة، يُستخدم “القاضي الرقمي”، وهو نظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي لإصدار قرارات مبدئية بعد تحليل القضية بناءً على المعايير القانونية، وهذا النظام لا يستبدل القضاة في القضايا المعقدة، ولكنه يساهم في تخفيف العبء عن المحاكم.
فوائد التجربة السنغافورية:-
1- تحسين كفاءة النظام القضائي
تقليل الوقت اللازم لحل القضايا من خلال الأتمتة.
2- زيادة الوصول إلى العدالة:
تقديم خدمات قانونية ميسورة التكلفة وبسيطة من خلال الأنظمة الذكية.
3- تقليل الأخطاء البشرية:
تعتمد الأحكام على تحليل دقيق للبيانات مما يقلل الأخطاء.
4- تعزيز الشفافية والعدالة:
يتم توحيد المعايير القضائية لتجنب التباينات غير المبررة في الأحكام.
ثالثًا: ربط الذكاء الاصطناعي بالعمل القانوني في السعودية
السعودية بدأت بالفعل في إدماج الذكاء الاصطناعي في النظام القانوني، حيث تم إطلاق أنظمة إلكترونية تسهل إجراءات القضايا في المحاكم، مثل ناجز وهي عبارة عن منصة الكرتونية تابعة لوزارة العدل السعودية تهدف إلى توحيد الإجراءات القضائية، و إنجاز المعاملات العدلية الكترونيًا بهدف تسهيل خدمات المحاكم المتقدمة للمتقاضين والمحامين، وبالإضافة إلى العديد من المنصات الأخرى ، حيث تطمح المملكة من خلال رؤية 2030 إلى توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والشفافية في النظام القضائي، و يمكن الاستفادة من النموذج السنغافوري لتطوير النظام القضائي المحلي من خلال اعتماد الذكاء الاصطناعي في تحليل القضايا، تسهيل الإجراءات الإلكترونية، وتطوير خدمات قانونية تفاعلية تساعد المواطنين والمحامين على حد سواء.
تعرف على: شروط بيع مؤسسة بما لها وما عليها
ايجابيات استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل القضائي في السعودية :-
- تقليل الأخطاء البشرية ، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تقليل الأخطاء في تحليل القضايا أو الأحكام القضائية.
- تعزيز العدالة، حيث تضمن الأنظمة الذكية تطبيق القوانين بإنصاف بناءً على المعطيات الدقيقة.
- تطوير المحاماة، حيث يتيح AI للمحامين التركيز على القضايا المعقدة بدلاً من المهام الروتينية.
ختامًا ، تُظهر تجربة سنغافورة كيف يمكن للتكنولوجيا أن تكون شريكًا للقضاة والمحامين، لا بديلاً عنهم، في تحسين جودة الخدمات القضائية. هذا النهج يفتح آفاقًا واسعة للدول الأخرى، بما في ذلك الدول العربية، لتبني نماذج مشابهة تدعم العدالة والشفافية.